طرق دعم الشخص المكلوم

5 طرائق لدعم الشخص المكلوم

يتعرض الكثير من الناس في حياتهم لمواقف شديدة الحزن والفقدان، سواء من خلال وفاة شخص عزيز، أو تجربة صعبة كفقدان الوظيفة، أو المرور بأزمات شخصية تؤثر على صحتهم النفسية. في تلك اللحظات، يصبح الدعم العاطفي والمعنوي من أهم الاحتياجات التي قد تساعد في تخفيف وطأة الألم. لكن، قد يواجه الكثيرون صعوبة في معرفة الطريقة الصحيحة لدعم الشخص المكلوم دون أن يشعر بأنه مُثقل بالعواطف أو يُعامل على أنه ضعيف. في هذا المقال، سنتناول خمس طرائق فعّالة يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في مساعدة شخص في مرحلة الحزن أو الكآبة.

1. الاستماع النشط والمواساة

أحد أهم أشكال الدعم هو الاستماع. عندما يعاني الشخص من الخسارة أو الحزن، قد يشعر بأن العالم قد توقف من حوله وأنه لا يوجد من يفهم معاناته. في هذه الأوقات، يكون مجرد الاستماع بتعاطف من دون إصدار أحكام أو محاولة لإصلاح الوضع هو من أعظم أشكال الدعم. يختلف الاستماع النشط عن الاستماع العادي بأنه يشمل الانتباه التام لشخصية الشخص المكلوم، وإعطائه الوقت الكامل للتعبير عن مشاعره دون مقاطعة أو تحامل.

يجب على من يقدم الدعم أن يُظهر تعاطفًا حقيقيًا مع ما يمر به الشخص الآخر، حتى ولو كانت الكلمات القليلة التي يقالها لا تقدم حلولًا ملموسة. في بعض الأحيان، ما يحتاجه الشخص المكلوم أكثر من أي شيء آخر هو أن يشعر بأنه ليس وحيدًا في معاناته. الحديث عن الألم والذاكرة المشتركة مع المتوفى أو الأحداث المؤلمة الأخرى يمكن أن يكون مريحًا للغاية.

2. توفير بيئة آمنة وداعمة

في أوقات الحزن الشديد، قد يصبح الشخص المكلوم حساسًا للغاية تجاه محيطه، وقد يشعر بالخوف من ردة فعل الآخرين تجاه حزنه. لذا فإن توفير بيئة آمنة حيث يستطيع الشخص التعبير عن مشاعره بحرية دون الخوف من الرفض أو التقليل من أهمية مشاعره هو أمر بالغ الأهمية. يمكن تحقيق ذلك من خلال خلق مساحة غير حكمية حيث يشعر الشخص بأنه يستطيع أن يكون نفسه بكل أشكال الحزن والألم التي يمر بها.

يمكن أن يتضمن هذا توفير الوقت الكافي للمكالمات الهاتفية، الرسائل أو الزيارات التي تبث في الشخص المكلوم الطمأنينة بأنهم موجودون وأنهم مرحب بهم كما هم، سواء كان الشخص يريد البكاء، السكوت، أو حتى الحديث عن ذكريات متعلقة بالفقد.

3. التواجد المستمر والمساندة العملية

الدعم العاطفي وحده ليس كافيًا في كل الأحيان، فقد يحتاج الشخص المكلوم أيضًا إلى دعم عملي. فالحزن يمكن أن يسبب ضعفًا في التركيز أو حتى في القدرة على إدارة الحياة اليومية. في مثل هذه الحالات، يمكن أن يكون تقديم الدعم في شكل مساعدة عملية أمرًا بالغ الأهمية. قد تشمل هذه الأنشطة تقديم المساعدة في المهام اليومية مثل تحضير الطعام، القيام بالأعمال المنزلية، أو حتى تقديم المساعدة في التواصل مع الآخرين بشأن تفاصيل العزاء أو الترتيبات اللازمة.

في بعض الحالات، قد لا يكون الشخص المكلوم في حال يسمح له بالتعامل مع الأمور المالية أو الإجراءات الرسمية المتعلقة بالوفاة أو الفقد. في هذه اللحظات، يمكن للمساندة العملية أن تكون بمثابة اليد الممدودة التي تساعد الشخص على تجاوز المرحلة الصعبة، مما يخفف من العبء النفسي والجسدي في وقت واحد.

4. التحفيز على العناية بالنفس والاهتمام بالصحة

عندما يواجه الشخص فاجعة أو يمر بفترة حزن عميق، قد تتدهور صحته الجسدية والنفسية بسبب قلة العناية بالنفس. قد يتجاهل الشخص المكلوم احتياجاته الأساسية مثل الأكل، النوم، أو حتى التمارين الرياضية البسيطة بسبب مشاعر الحزن. دعم الشخص المكلوم يشمل أيضًا تشجيعه على أن يعتني بنفسه وأن يحصل على الراحة والوقت الذي يحتاجه لتجاوز محنته.

قد يتطلب هذا تذكير الشخص بضرورة أخذ فترات راحة، تناول طعام صحي، أو حتى أخذ نفس عميق والتأمل في اللحظات التي يشعر فيها بالتوتر. كما يمكن تشجيع الشخص على متابعة أي استراتيجيات صحية أخرى قد تكون مفيدة له، مثل الاستشارة النفسية أو الانضمام إلى مجموعة دعم مخصصة لأولئك الذين مروا بتجارب مشابهة.

5. التشجيع على استكشاف آفاق جديدة في وقت لاحق

أحد التحديات التي يواجهها الشخص المكلوم هو العودة إلى الحياة اليومية بعد فترة من الحزن العميق. في هذا السياق، قد يشعر الشخص بأن الحياة لم تعد كما كانت وأنه لا يوجد جدوى من المحاولة. في مثل هذه الحالات، من المهم أن يُظهر الدعم الذي يُقدمه الشخص الآخر أنه يمكن إعادة بناء الحياة ببطء، ولكن بثقة.

قد يشمل هذا التشجيع على الانخراط في أنشطة جديدة أو حتى البحث عن اهتمامات شخصية قد تكون قد نُسيت بسبب التحديات السابقة. هنا يكمن الدور الكبير في التذكير بأن الحياة، رغم ما مر به الشخص من صعوبات، لا تزال مليئة بالفرص التي يمكن أن تكون ملهمة. يزداد دعم الشخص المكلوم عندما يشعر أن هنالك أفقًا جديدًا ينتظره بعيدًا عن الحزن.

من خلال تحفيز الشخص على العودة تدريجيًا إلى الأنشطة اليومية، أو حتى تشجيعه على الاهتمام بهوايات جديدة، يمكن أن يشعر بأنه لا يزال جزءًا من المجتمع ولا يزال يمكنه أن يساهم في الحياة، حتى وإن كان ذلك يتم بوتيرة بطيئة في البداية.

خاتمة

دعم الشخص المكلوم لا يقتصر على تقديم العزاء فقط، بل يتطلب وعيًا عميقًا بالاحتياجات النفسية، العاطفية، والجسدية التي قد يكون في حاجة إليها. من خلال الاستماع بتعاطف، توفير بيئة آمنة، المساندة العملية، تشجيع العناية بالنفس، وتحفيز الشخص على استكشاف آفاق جديدة في المستقبل، يمكننا أن نكون أحد المصادر التي تساعد في تخفيف الألم وتسهيل رحلة التعافي. إن تقديم الدعم لا يعني القضاء على الحزن، بل يعني تقديم الدعم الذي يسمح للشخص المكلوم بالمرور بهذه المرحلة الصعبة بكل الأمل والتفاؤل الذي يمكن أن يعيد له جزءًا من السعادة المفقودة.